May
2121
2021-05-15
العام الماضي سقطت أكثر من ١٠٠ إمرأة يمنية شهيدات لذكورية المجتمع اليمني. نعرف أسماء بعضٌهن والغالبية لا نعرفهن، أكثر من ١٠٠ إمرأة يمنية قُتلن واحدة تلو الأخرى على يد أقاربهن في عام ٢٠٢٠. هذه الأرقام تبقى تقديرية من قبل المؤسسات الحقوقية لأن الكثير من جرائم قتل النساء يتم كنسها تحت السجادة كحالات إنتحار أو حوادث عرضية، أو قتل في ظروف غامضة تحت مبرر ” سمعة الأسرة” وأنها ” مشاكل شخصية أسرية” في كلتا الحالتين لا يحصلن النساء على العدالة المرجوة و التحقيق الجاد . جرائم قتل النساء تحدث في ظل تواطؤ مجتمعي وإسناد من التشريعات القانونية التي توفر للمُعتدي ثغرات تمكنه من التنصل من فِعله وعدم تحمل المسؤولية. فقانون الجرائم و العقوبات اليمني في اليمن يوفر للجاني ثغرة قانونية تمكنه من تبرئة نفسه لدواعي لا يقاد الأصل بالفرع و لدواعي الشرف ، و كذلك العقوبات المقررة لجرائم الاغتصاب سواء المرتكبة من الغريب أو القريب مثيرة للسخرية و لا تتناسب بتاتا مع قباحة الجرم و أثره الذي قد يصل إلى انتحار الضحية، تساعد هذه العقوبة البسيطة في تكرار الجريمة و عدم أخذ العظة و العبرة دون زاجر. بالإضافة للقوانين فإن تعامل المؤسسات الرسمية مع جرائم قتل النساء من خلال تكييف هذه الجرائم على أنها اعتداء جسدي أفضى لموت لا القتل توفر للجاني فرص للإستفادة من أحكام مخففة أو التنصل من فِعله بالكامل. كما أنه أثناء التحقيقات تتعامل النيابة مع هذه القضايا من خلال الدفوع التي يقدمها بعض المحامون بطريقة مختلفة كون الضحية إمرأة لا رجل. في حال إدعاء المُعتدي أن الجريمة سببها “الشرف” يُصدر أحكام مخففة بشكل مباشر كما ذكرت سابقاً. في حال نجاح وصول بعض النساء المهددات بالقتل واللاتي تعرضن للعنف بشكل متكرر سابقًا، لا يتم حمايتهن و لا توفير ردع قوي للمعنف. تطالب اليوم النساء في اليمن بسن قانون “حماية الأسرة” على أمل أن يشكل رادعًا في وجه شلال الدم النازف. قضية أخرى و هي التحرش الجنسي بين أربع جدران وفي الأماكن العامة... تبقى الإعتداءات الجنسية التي تحدث داخل الأسرة قضية مُحرم الحديث عنها أقرب ما يكون من المحظورات. وجدت النساء في الفضاء الإلكتروني مساحة آمنة للحديث عن التحرش الجنسي الممارس عليهن من قِبل أقاربهن، أقارب درجة أولى، يحدث التحرش والإغتصاب والنساء حبيسات بيوتهن وبسبب ذكورية المجتمع ونظرته الرجعية لجسد المرأة تمر هذه الاعتداءات دون محاسبة. تتعرض النساء في حال تقدميهن شكوى للإستجواب والتكذيب ويوضعن في موضع المُعتدِي لا المُعتدَى عليه ويطلب منهن إثبات الإعتداءات رغم واقعية صعوبة إثبات الإعتداء، ويطلب منهم الخضوع لفحوص عذرية تنتهك أجسادهن مرة أُخرى. على الرغم من تزايد حالات الإعتداء الجنسي، لا تزال المؤسسات الرسمية تُفضل عدم إيجاد حل والتكتم علي قضايا الإعتداء الجنسي وحلها كمسائل “شخصية” من خلال العائلة والقبيلة. دار الايواء و المساحات الصديقة الخاصة بالنساء في اليمن لا تُقدم حلول جذرية للنساء المعرضات للاعتداءات الجنسية، وتلجأ إلى الحلول الذكورية التقليدية التي تعيد المُعتدى عليها لذات المنزل الذي تعرضت فيه للإعتداء . أما في الأماكن العامة، تتعرض النساء على الدوام للتحرش اللفظي واللمس في الشارع وفي سيارات الأجرة و الباصات المشتركة ، من خلال التحديق في أجسادهن مع التركيز على منطقة الصدر والخلفية مصحوبة بتحرش لفظي. كما تشتكي النساء من تعرضهن للتحرش اللفظي وتلميحات جنسية أثناء التسوق أو في بيئة العمل، بجانب شكوى عدة طالبات من تعرضهن للتحرش داخل الحرم الجامعي. يتعرض الأطفال كذلك للتحرش الجنسي داخل المنازل وفي خارجها، ولكونهم فئة هشة غير قادرة على الدفاع عن نفسها و معرفة خطأ ما وقع عليه ، تمر هذه الإعتداءات كما غيرها بصمت و اخفاء ، يقوم بعض الأهالي بالذهاب للعيادات الطبية للكشف عن عذرية طفلات، تحت عُذر خوفهن أن تكون الطفلة قامت بأذية نفسها دون قصد أثناء اللعب وغيره، والحقيقة هو الشك في تعرض الطفلة لاعتداء وخوفهم أكثر على “عذريتها” لا أثر الإعتداء نفسيًا وجسديا عليها. كما أنه يتم التكتم على موضوع التحرش والإعتداءات الجنسية على الصبيان التي تحدث داخل بعض دور العبادة و في حالات الخطف . قوانين الأحوال الشخصية و قانون الجرائم و العقوبات والمؤسسة القضائية مقصلة على رقاب نساء و فتيات اليمن تُميز قوانين الأحوال الشخصية في اليمن ضد النساء في قضايا الزواج والطلاق وحضانة الأطفال. إلى جانب عدم تحديد سن أدنى للزواج مما يسمح بزواج الطفلات ، فإن النساء اليمنيات لا يمكنهن أن يتزوجن دون إذن ولي الأمر وأن سبق لهن الزواج سابقًا، يبقى حقهن في اختيار شريك/ة حياتهن مسلوب وتحت رحمة مؤسسة العائلة، يترتب على هذا تعرض الكثيرات من النساء للعنف الجسدي والنفسي والإقتصادي وحرمانهن من حقوقهن الأساسية في حال رفضن الانصياع. يمنح القانون الزوج الحق في الطلاق بأي وقت و بدون سبب ، فقط لأنه يريد، أي حق ممنوح له لأنه اختاره،يحدث الطلاق من قِبل الزوج بكل سهولة وسلاسة دون أي وصم اجتماعي وغيره ويمكنه أيضًا التنصل من إعطاء طليقته حقوقها أو المماطلة في إعطاءها حقوقها مستندًا على بيروقراطية قضائية تعمل لصالحه. في حين أن هذه المؤسسة تسلب المرأة ذات الحق الممنوح للرجل في الطلاق وفي حال رفع النساء قضايا فسخ أو خلع في المحاكم، وهي غير مشابهة بتاتًا للطلاق المباح للزوج حيث أن للقاضي الكلمة الأخيرة لا للمرأة في هذه القضايا ، تقع النساء في شبكة معقدة من الإجراءات والتعقيدات والقيود التي تجعل من حياتهن جحيم، و بعض قضايا الطلاق تأخذ ما يقارب سنتين في المحاكم، فيها يعلم الزوج أن الثغرات القانونية والبيروقراطية تمنحه مرة أخرى سلطة على حياة طليقته، كما تضع السلطة القضائية على عاتق النساء عبء إثبات الظلم الواقع عليهن في قضايا الطلاق، مثل العنف الجسدي من خلال تقارير طبية وبلاغ ضد المعنف مع علم المؤسسة صعوبة الحصول على هكذا إثبات لصعوبة توجه النساء للمستشفيات أو مراكز الشرطة للإبلاغ عن العنف في المقام الأول، فتقف هذه الإجراءات كعائق أمام النساء لكسب الدعوى. في بعض حالات الطلاق تبقى القضايا معلقة في المحاكم اليمنية لسنين طويلة يمكن أن تصل ل ٦ أعوام وأكثر، حيث يضع القاضي نفسه كسلطة مخولة برفض الطلاق، لأنه يرى أملًا بالوفاق بين الزوجين و عودتهما لبعض على غير رغبة الزوجة. هذه المماطلات تنهك النساء جسديًا وتثقل كاهلهن ماديًا. كما أن بعض المحامون على دراية بالثغرات البيروقراطية وسبل المماطلة لصالح الزوج التي تدفع الكثير من النساء إلى التنازل عن حقوقهن في مقابل الحرية، أي الحصول على ورقة الطلاق. تخوض النساء في اليمن نضال ضد قانون الحضانة والإجراءات المتبعة في المحاكم فيما يخص قضايا حضانة الأطفال التي تسلبهن أمومتهن قسرًا لسبب زواجهن مرة أخرى أو عدم قدرتهم على الإنفاق ، تغيير النصوص المتعلقة بقانون الحضان أصبح حاجة ملحة ، في ظل تزايد قضايا العنف والقتل ضد أطفال النساء المطلقات، ترى النساء أن هناك ارتباط وثيق بين تزايد حالات القتل والعنف وبين القوانين والإجراءات التي تعطى للزوج السلطة العليا للتحكم في مصير الأطفال وحرمانهم من الأم. في حالات الطلاق، تمنح الأمهات الحضانة لسن معين، يختلف هذا السن بين الطفلة و الطفل في تفريق أولي منذ نعومة الأظافر و لا أرى ما الفرق بينهم و ما الداعي لهذا التمييز. في اليمن تخسر الأم حضانة الأطفال بسن التاسعة للصبيان والثانية عشرا للفتيات، كمان أنها تخسر الحضانة كليًا في حال تزوجت مرة أخرى وهذا لا يُطبق على الزوج. بعد انتقال الحضانة للأب، تُحرم الأمهات رؤية أطفالهن كعقاب وُيستخدم الأطفال كورقة ضغط على الأمهات. تطالب الأمهات المطلقات في اليمن برفع سن الحضانة حتى ١٥ عامًا للصبيان والفتيات. أما بالنسبة للإجراءات في المحاكم، تواجه دفوع الأمهات بالنكران والتكذيب، ولا تُأخذ شكواهن بتعرض الأطفال للعنف من قِبل الأب على محمل الجد. القانون أيضًا يمنح الأب الوصاية كاملة على حياة الأطفال حتى أثناء تواجدهم في حضانة الأم. لا يحق للأم إصدار جواز سفر أو فتح حسابات مصرفية للأطفال، في حين في حال غياب الأب يمنح هذا الحق لأي ذكر من أسرته مع الإحتفاظ بسلب الأم حقها في الوصاية على أطفالها. حرية التنقل بجانب الحصار الخانق المفروض على اليمن ، الذي يحد من حرية حركة المواطنين ، فإن النساء يواجهن عقبات مضاعفة فيما يخص حرية حركتهن وتنقلهن من مكان لآخر. النساء يقعن تحت نظام وصاية ولي الأمر سواء كان الأب/الزوج/الأخ/العم /الإبن وأي رجل من رجال الأسرة و لو كان حديث الشبه، في اعتراف غير رسمي أن المرأة مهما بلغت فهي بعقل طفل قاصر. تتجلى هذه الوصاية في منع النساء في اليمن من السفر دون إذن ولي الأمر، وهو إجراء شفهي لا قانوني و رغم حفظ الدستور اليمني حق التنقل و السفر دون تمييز إلا أن النساء لا يزلن يخضعن للعادات و التقاليد بإسناد المؤسسة الرسمية . تخضع جميع النساء المسافرات لهذا الإجراء بغض النظر عن العمُر، حرية النساء في التنقل يجب أن تكون مكفولة بغض النظر عن سبب السفر . اليوم تطالب النساء في اليمن برفع نظام الوصاية في حال السفر عن النساء، ووقف أي إجراءات من شأنها التمييز ضدهن والحد من حرية حركتهن.
ثريا يسر