تابعنا على

30


November

-1-1

0000-00-00

نساء اليمن في نفق الإقصاء والتمييز

لا يتسنى للنساء في اليمن الاحتفاء باليوم العالمي للمرأة؛ كونهن غارقات في نفق الإقصاء والتمييز، وسط مآسي الحرب وآثارها المختلفة، في بلدٍ تنهكه الأزمات وتدمره الحروب للعام السابع على التوالي.

إذ يمثل "يوم المرأة العالمي" بالنسبة للمرأة في اليمن مناسبةً تذكّرها بأنها تتصدر قوائم ضحايا الحرب بأرقام مخيفة، وقد صُنفت اليمن من أسوأ بلدان العالم الذي تعيش فيه النساء.

ومن معاناة العنف القائم على النوع الاجتماعي، أصبحن في ظل الحرب، يتعرضن للقتل المباشر قنصًا أو قصفًا، وللتشريد والاعتقال والاختطاف.

هيومن رايتس ووتش في تقرير لها عن اليمن، اعتبرت أن نسبة العنف ضد المرأة في اليمن، بلغت 63% منذ تصاعد الصراع، وأن تصرفات الأطراف المتحاربة زادت من التمييز والعنف، كما زادت نسبة زواج الصغيرات نتيجة الحرب، والأوضاع الاقتصادية لعام 2020.

تقول عفراء الحريري، وهي ناشطة حقوقية مدافعة عن حقوق الإنسان وعضو في المجموعة الاستشارية الفنية للمبعوث الخاص للأمم المتحدة مكتب اليمن، إن "معاناة المرأة اليمنية تختلف من منطقة لأخرى، وفقًا لوضع هذه المنطقة، فالمناطق التي يسيطر عليها أنصار الله (الحوثيين)، تختلف عن المناطق التي تسيطر عليها الحكومة المعترف بها دوليًّا".

وتضيف الحريري في حديث لـ"خيوط"، أن هناك نساء يتكيفن مع الوضع، وأخريات لا يستطعن ذلك، على سبيل المثال في مناطق سيطرة أنصار الله (الحوثيين)، هناك قمع لحرية التعبير والتظاهرات، في حين مناطق الحكومة المعترف بها دوليًّا أخف وطأة في ذلك بكثير، في الحصول على لقمة العيش والرواتب أيضًا ومستويات الأمن والأمان.

استهدافات متواصلة

ينطبق ذلك على أمور الحياة المختلفة، وهذا ينعكس على المرأة والرجل، إلا أن المرأة تحملت أعباء مضاعفة حينما غاب العائل أو فقدته أو في حال تغيرت أحواله وأوضاعه النفسية؛ ما يجعلها تضطر لأن تصبح هي المسؤول عن توفير لقمة العيش للأسرة وتحمل بقية المسؤوليات.

تقول الناشطة داليا محمد، إن المرأة اليمنية بشكل عام، محرومة من كل حقوقها التي يكفلها الدستور والقانون اليمني والقوانين والمعاهدات الدولية؛ فهي الجريحة، والمهجرة قسريًّا والنازحة، والمعتقلة، وهي الأم والأخت والزوجة، للرجل المخفي والمعتقل، وهي من تتصدر قائمة الضحايا

وقد تلقت الناشطة الحقوقية عفراء الحرير، تهديدات بالقتل وخطاب كراهية، واستُهدفت بحملات تشويه السمعة على مواقع التواصل الاجتماعي، وازدادت حدة هذه التهديدات عند ذهاب أشخاص مشبوهين ليسألوا عنها في الحي الذي تعيش فيه لتحديد مكان إقامتها، وقد قامت عفراء بتقديم شكوى رسمية إلى السلطات في عدن آنذاك، لكن السلطات لم تتبع أي إجراءات للتحقيق في هذه التهديدات.

الممرضة والناشطة الحقوقية داليا محمد، تقول في هذا الخصوص، إنها فقدت عينها اليسرى أثناء محاولتها إسعاف أحد الجرحى الذين سقطوا برصاص عناصر عسكرية تابعة لجماعة أنصار الله (الحوثيين)، بداية الحرب في جولة القصر.

تضيف داليا محمد لـ"خيوط"، أن المرأة اليمنية بشكل عام، محرومة من كل حقوقها التي يكفلها الدستور والقانون اليمني والقوانين والمعاهدات الدولية؛ فهي الجريحة، والمهجرة قسريًّا والنازحة، والمعتقلة، وهي الأم والأخت والزوجة، للرجل المخفي والمعتقل، وهي من تتصدر قائمة الضحايا، ومع ذلك مسلوبة كل الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وحتى اليوم وهي تحاول الوصول ولو لجزء بسيط من حقوقها.

في قصة الشابة اليمنية "العنود" التي تداولها رواد مواقع التواصل الاجتماعي في اليمن وعدد من الدول العربية لأيام متواصلة، تعبير واضح عن معاناة المرأة اليمنية من العنف الجسدي الذي تتعرض له.

الشابة العنود البالغة 19عامًا، تعرضت لاعتداء نفذه طليقها، بصبّ مادة حارقة عليها شوهت وجهها وأفقدتها عينها اليسرى.

في قصة العنود تفاصيل وأبعاد كثيرة، إذ "بدأت بتزويج طفلة في سن مبكرة، لتتعرض للعنف المتواصل، وتحاول بعدها الطلاق وتنجح في الحصول عليه بعد أربع سنوات من الإهانات، إلا أن ذلك لم يجنبها عنف طليقها، الذي ظل يلاحقها ويتوعدها بعد أن رفضت العودة إليه"، حسب ما ذكره نشطاء.

وفي تقريرهم الأخير، وثقت لجنة الخبراء التابعة لمجلس الأمن بشأن اليمن الجرائم التي ارتكبها طرفا الصراع في اليمن بحق النساء، وقد شملت الاعتقال التعسفي واحتجاز النساء، والنهب والاعتداء الجنسي والضرب والتعذيب والتسهيل لاغتصاب النساء في مراكز الاعتقال السرية.

قرارات تعسفية

تتعرض المرأة اليمنية لقرارات وتصرفات تمنعها من العمل تحت مسمى "الهوية اليمنية المحافظة"، وبدلًا من أن كانت المرأة اليمنية قبل الحرب تواجه العادات والتقاليد وثقافة العيب أصبحت اليوم تواجه القرارات التعسفية بحقها.

حيث أقدمت سلطة أنصار الله (الحوثيين) على طرد النساء والفتيات العاملات بالمطاعم في العاصمة صنعاء الخاضعة لسيطرتها، واعتقال عدد من ملاك المطاعم، ضمن قيود تعسفية جديدة تضاف إلى سلسلة حملات نفذتها سابقًا.

وتعليقًا على هذه التعسفات قالت منظمة العفو الدولية، في تغريدة لها على "تويتر"، إن "قرار السلطات الحوثية بمنع النساء من العمل في المطاعم هو مخزٍ وتمييزي. وأضافت: "نقف مع كل النساء في كفاحهن ونضالهن من أجل حقوقهن في ‎اليمن"، دون تفاصيل أخرى.

وقال ناشطون إن جماعة أنصار الله (الحوثيين)، أجبرت عددًا من ملاك المطاعم بصنعاء على توقيع تعهدات تتضمن استبدال طواقم النساء بعاملين من الرجال، وهددتهم بإغلاق المطاعم وفرض غرامات مالية باهظة في حال إعادة العاملات للعمل.

آثار نفسية

لا تقتصر معاناة النساء اليمنيات في ظل استمرار الحرب بازدياد معدل الإقصاء والعنف الجسدي والجنسي والاجتماعي، بل إن الحرب خلفت آثارًا نفسية سيعاني الإنسان اليمني منها طويلًا، وخصوصًا المرأة، سيكون لها النصيب الأكبر أيضًا من الصدمات النفسية التي ستترك آثارها السيئة في نفوسهن طيلة حياتهن، كما تشير أستاذة علم النفس الاجتماعي بجامعة تعز أ.د.نبيلة عبدالكريم الشرجبي.

وتضيف لـ"خيوط"، أن هناك تأثيرًا نفسيًّا واضحًا للحرب على النساء، فالتركيز على النساء لأن ظروفهن تختلف اقتصاديًّا واجتماعيًّا عن ظروف الرجال، وأي تغيير اجتماعي في معظم حالات الحروب يعرض النساء للموت والإصابة والاغتصاب والخطف والاعتداءات الجنسية والتفكك الأسري والنزوح وفقدان الملكية رغم أنهن لا يشتركن مباشرة في القتال.

وتقول إن الصدمات النفسية الناجمة عن تعرض النساء للعنف وللأعمال الوحشية وغير الأخلاقية، تترك آثارها السيئة في نفوسهن طيلة حياتهن.

ولمعالجة المخاطر والتأثيرات النفسية للمرأة في ظل استمرار الحرب، ترى الشرجبي أنه "طالما الحرب قائمة، فستمتد تأثيراتها النفسية إلى مدى طويل، إذ ينبغي المطالبة بتفعيل اتفاقيات حماية النساء والأطفال في النزاعات المسلحة، وأيضًا تقديم الدعم الذي يتناسب مع المرحلة في الجوانب المختلفة، عبر الجهات التي يحق لها التدخل أو تقديم الخدمات الصحية والنفسية في هذه المرحلة".

بدورها تؤكد المواطنة منال الهلالي، أن "المرأة اليمنية تتعرض للعنف النفسي والوجداني نتيجة مشاعر الفقدان المتراكمة؛ كون المرأة هي الأم والزوجة والأخت وفقدت الكثير في هذه الحرب".

وتضيف الهلالي لـ"خيوط"، أن "المرأة ضحية هذه الحرب، ورغم تعدد أنواع العنف الذي تتعرض له إلا أن الآثار النفسية السيئة التي تعاني منها المرأة نتيجة هذا العنف أسوأ بكثير".

وللعام السابع تعيش المرأة اليمنية مسلوبة الحق المشروع في الدستور والقانون، وتتعرض للعنف الجسدي والاجتماعي والنفسي، وتعاني من النزوح والتشريد والإقصاء والتهميش، وهو ما يجعلنا نتساءل: لماذا ستحتفل المرأة اليمنية بهذا اليوم العالمي، وهي تعيش في عالم ينتهك حقوقها؟!

رابط المصدر: https://www.khuyut.com/blog/yemeni-woman