أحمد الزعيم : منصة تاء
تشكل النساء نصف المجتمع اليمني عدداً، ومع ذلك، يتم تصنيفهن ضمن الفئات الأشد ضعفاً، والأكثر تضرراً بالحرب، هذا الواقع دفع الكثير من نشطاء السلام “خصوصاً النساء” للدعوة إلى ضرورة إشراك النساء في عملية صناعة السلام في اليمن، ومع التشكيل الوزاري للحكومة الشرعية المنبثق من اتفاق الرياض وخلوه من أي تمثيل نسوي، تعالت الأصوات المنددة بإقصاء النساء من الحكومة واعتبرت أن هذه الخطوة ستؤثر سلباً على الحل السياسي للصراع اليمني القائم.
وداد البدوي، الصحفية اليمنية، وعضو التوافق النسوي اليمني، والتي تم تكريمها مؤخراً في جمهورية العراق بجائزة أطوار بهجت للإعلاميات العربيات، تحدثت عن هذا الأمر مشيرة إلى أن تمثيل النساء في الحكومة الشرعية محبط للآمال، واصفة حكومة معين عبد الملك بـ “الحكومة الذكورية البحتة” معتبرةً أن إشراك النساء كان سيعود بالفائدة على الحكومة الشرعية حيث سيحسن صورتها أمام المجتمع الدولي والمجتمع المحلي كونها حكومة برعاية المجتمع الدولي وملتزمة بمخرجات الحوار الوطني.
البدوي اعتبرت أن حكومة الأمر الواقع في صنعاء، والحكومة الشرعية في عدن، ليستا صانعتا قرار، بل تابعتان للفاعل الخارجي، وبالتالي ترى البدوي أن النساء القياديات في هكذا حكومات لن يغيرن شيئاً في موازين صناعة القرار اليمني، مثلهن كمثل زملائهن من الوزراء الرجال.
وعن أدوار النساء في المستويات القيادية العليا للأحزاب والقوى السياسية اليمنية، قالت البدوي “رغم استخدام هذه القوى للنساء في الميدان بشكل كبير لكن لا يوجد نساء (فاعلات) في القيادات العليا لهذه القوى السياسية باستثناء التنظيم الناصري” معتبرة أن الناصري “دفع بالأستاذة رنا غانم لتكون حاضرة وبشكل مشرف، وتنازل لها عن مقعده في المفاوضات على حساب قادته من الرجال” مشيدة بأداء القيادية الناصرية رنا غانم التي وصفتها بأنها “كانت أفضل من الرجال في مفاوضات السويد، وكانت أكثر مصداقية وأحببناها جداً.
البدوي اعتبرت أن التنظيم الناصري “الحزب الوحيد الذي أعطى حضوراً للنساء في العملية السياسية في المرحلة الماضية” لكنها عادت وانتقدت دور الأحزاب السياسية فيما يتعلق بدعم المرأة وتعزيز حضورها القيادي وفعاليتها السياسية معتبرة أن الأحزاب “لم تدعم النساء، ولم تعمل للدفع بهن إلى المستويات القيادية” مشيرة إلى أن الأحزاب اليمنية جمدت قطاعاتها النسائية خلال الحرب، واعتمدت على من أسمتهم البدوي بـ “الانتهازيين من الرجال” و”لصوص العمل السياسي” حد وصفها.
وفيما إذا كان إشراك النساء في المستويات القيادية للأحزاب والحكومة كافياً يمنحهن الاستقلالية في اتخاذ القرارات، قالت البدوي “لا يوجد أي استقلالية للنساء القياديات اللواتي ينتمين للأطراف السياسية” مشيرة أن النساء “ربما لديهن نوع من المرونة، لكن ليس لدى النساء المنتميات للأحزاب استقلالية في اتخاذ القرار، ولن تقبل الأحزاب بأن تستقل النساء بآرائهن”.
وتعتبر البدوي أن الأطراف السياسية من أهم المعوقات التي تقف أمام النساء، مشيرةً إلى أن الأحزاب اليمنية انفردت بقرار التمثيل النسوي داخل المكونات ولجان المفاوضات وكل ما يتعلق بالترشيحات ضمن العملية السياسية”، واعتبرت أن الأطراف السياسية اليمنية “في المجمل تنتمي لتيارات دينية” عادة ما تكون “متشددة ومتطرفة مع قضايا النساء ولا تقبل بحضور المرأة”، واشارت أن بعض الأطراف تتحجج بأن إشراك المرأة في طاولة المفاوضات “سيضعف معنويات المقاتلين”، واصفة تلك القوى بأنها “مرتبطة بالثقافة الذهنية المعادية للنساء أو بالوصمة التي تنظر للمرأة كعار”.
البدوي ميزت بين النساء الحزبيات، والمستقلات سياسياً، معتبرة أن النساء المستقلات اللائي خرجن من المجتمع المدني أو من الشارع أقوى من النساء الحزبيات وأكثر شجاعة ومصداقية، معتبرة أن النساء المستقلات هن اللائي أثرن في العملية السياسية، وأنهن أكثر شجاعة في مواجهة جميع الأطراف لأنهن لا يمتلكن “أي مصالح” “بعكس المرأة القادمة من حزب أو تيار سياسي” فهي “مهما كانت ومهما تعاطفت مع الشارع، لكن في النهاية تحسب حسابات حزبها، أو حسابات الربح والخسارة”.
وترى البدوي أن تلك النساء الحزبيات “لا يوجد لديهن منصات حقيقية في أحزابهن ولا يستطعن أن يؤثرن فيها” واعتبرت أنهن “ليس لهن مكانة، وليس لهن رأي مسموع” معتبرة أن ذلك دفع النساء الحزبيات “للبحث عن فرص عمل خارج إطار المكونات الحزبية والسياسية التي ينتمين إليها”، مشيرة إلى أن النساء الحزبين “هربن إلى سفينة النجاة المتمثلة بالمكونات النسوية التي تسمي نفسها مستقلة” وذلك من خلال بحثهن عن حضور “داخل المكونات المدنية النسوية التي تعلن دائماً أنها مستقلة”.
وحول وجود أرضية مشتركة لدى النساء تتعلق برؤاهن للسلام، ترى البدوي أن النساء عامة ينظرن للحل السياسي بأنه يبدأ من “تقديم التنازلات من قبل كل الأطراف” معتبرة أنه لا بد من وجود شراكة ومن الصعب أن يتمكن طرف واحد من حكم اليمن، مشيرةً إلى ضرورة أن تكون هناك “شراكة وعملية ديمقراطية حقيقية وبناء للدولة حتى نضمن أن يكون هناك تنمية واستقرار وانتقال سياسي للبلد من أتون الحرب إلى بر الأمان”.
وتعتبر البدوي أن النساء يعملن على “أن يكون هناك عدالة اجتماعية” وأنهن يتحدثن عن كل المحافظات اليمنية بأنها يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار في أي حل قادم بحيث لا تظلم محافظة ومنها تنطلق مشاكل أو حروب أخرى” مؤكدة على أن هذه الأرضية المشتركة التي يتفق عليها اليمنيون جميعاً والنساء في مقدمة الصفوف، وهي “أن تتوقف الحرب في أسرع الوقت ونبدأ بالعملية السياسية وبناء الوطن”.
وبالنسبة لنقاط الضعف والقوة التي تعيق أو تعزز تمكين النساء في الفعل السياسي ترى البدوي أن عدم وجود منابر إعلامية تهتم بقضايا النساء من أبرز نقاط الضعف، إذ لم تصل أصواتهن داخلياً بالشكل المطلوب ووصلت خارجياً بصورة أفضل، معتبرة في الوقت نفسه أن المجتمع الدولي لم يعد يهتم كثيراً لقضايا المرأة كما كان يفعل في عهد المبعوث الأممي السابق ولد الشيخ.
واعتبرة البدوي أن من نقاط القوة التي تعزز من دور وحضور النساء أنهن كن “الأصوات الحقيقية التي تنادي بالسلام من أول يوم للحرب” وتضيف “نحن تابعنا أن التوافق النسوي اليمني انطلق في 2015 كأول صوت ينادي بالسلام” معتبرة أن مصلحة النساء دائماً تكمن في السلام ولذلك فهن “يعملن من أجل الإسهام في الحل السياسي” .
كما أشادت البدوي بمكتب الأمم المتحدة للمرأة ممثلاً بمديرة المكتب “دينا زربة” التي قالت أنها “دعمت وبشكل كبير جهود النساء في العملية السياسية من خلال المكونات المختلفة بما فيها مجموعة التسعة النسوية والتوافق النسوي والمكونات الشبابية، واصفة ذلك الدعم بأنه “يختصر على النساء الكثير من المسافات.
وداد البدوي، صحفية يمنية، وناشطة ثقافية ونسوية، عملت كصحفية في عدد من الصحف اليمنية والعربية، وأشرفت على عدد من الملاحق الخاصة بالمرأة والأسرة، كما تشغل عضوية عدد من المؤسسات والمنظمات النسوية الفاعلة، إضافةً إلى نشاطها الثقافي وتترأس مركز الإعلام الثقافي، كما شاركت في العديد من المؤتمرات الإقليمية، وقدمت عدداً من المداخلات والأوراق البحثية في قضايا المرأة والإعلام.
رابط المصدر:https://manasat-ta.com/%d8%a7%d9%84%d8%a8%d8%af%d9%88%d9%8a-%d8%ad%d9%83%d9%88%d9%85%d8%a9-%d9%85%d8%b9%d9%8a%d9%86-%d8%b0%d9%83%d9%88%d8%b1%d9%8a%d8%a9-%d9%88%d8%a5%d8%b4%d8%b1%d8%a7%d9%83-%d8%a7%d9%84%d9%86%d8%b3/